حقيقة الاسماء الطاهرة للذرية الزاهرة
كثير من الناس تجد لديه الرغبة الجامحة في امتلاك ناصية الحقيقة أو طرف منها ولكنه يفتقر للآلية والسبيل الأمثل لذلك وربما اصطدم بعدة معوقات تحول دون حصوله على المعلومة النقية الصحيحة ، وعادة ما تكون هذه المعوقات والعراقيل مصطنعة من قبل أطراف من مصلحتها أن لاتصل الحقيقة وأن يبقى المجتمع خلف ستار من العتمة والجهل لتسهل عليهم عملية السيطرة على المجتمعات عبر توجيهها بعيدا عن الخط السليم وإقحامهم في منعرجات وانحناءات فكرية حتى لكي ينحرفوا عن الطريق القويم وتكون الدفة بيد قبطان خائن يقحم المجتمعات في فيضانات العمى والجهل وطوفان البدع والضلالات وهذا نجده جليا واضحا ونراه رأي العين في زماننا هذا المليء بالحروب والفتن بسبب هؤلاء الخونة ممن تصدروا المشهد الديني والإعلامي والثقافي من شيوخ الفتنة الوهابية فأهلكوا الحرث والنسل ودمروا الحجر والمدر ومزقوا الأوطان وحرفوا الأديان وكانوا أكبر معول هدم ضد هذه الأمة المنكوبة، وهناك أيضا الكسل المعرفي والفكري الذي ألقى بظلاله على من يفترض بهم أن يكونوا هم من يجب أن يمسك بزمام المعرفة ويقود النشء والأمة بصفتهم أتباع الرسول وأهل البيت عليهم الصلاة والسلامcفإذا بهم ينشغلون بتوافه الأمور وصغائر الصغائر ويذرون المهم والأهم مهملا يعلوه الغبار المتراكم عبر سنوات التخاذل والتسويف بسبب انحطاط الهمم والوهن الذي أصاب الأنفس حتى كلت العزائم وركن الناس إلى حطام الدنيا العاجل فتوقفت الحركة الفكرية بل لنقل أنشلت شللا تاما جعلها حبيسة لمقعد التخلف الفكري والمعرفي دون عجلة تدفع بالمجتمع لينهل من كنوز المصطفى وأهل بيته الطيبين الطاهرين. ويا لها من كنوز، ويا له من حرمان نال هذا المجتمع الذي ساهم الكل في تجهيله حتى أصبح يفتقر لأبسط مقومات المعرفة والعلم في ظل انعدام المنهجية العلمية في تقصي الحقائق بالأدلة والبراهين وأصبح يستقبل كل معلومة ترد إليه دون تمحيص أو تدقيق فتتحول مع الوقت إلى مسلمة يقينية راسخة رسوخ الجبال الشاهقات، بل حتى بعض المعلومات التي يفترض أن تكون من البديهيات ويعرفها الطفل الصغير والشيخ الكبير ومن كافة شرائح المجتمع صارت في هذا الزمن من النوادر والألغاز والكنوز التي يجب التنقيب عنها بين أصداف الكتب وطياتها فيما من المفترض على من هو في محل المسؤولية أن يوفرها ويسهل وصول الناس وخصوصا النشء إليها والمساهمة بشكل فعال في نشر أنوار العلم حتى يستضيء الناس بإشراقاته دليلا ينير دروبهم ويسمو بأرواحهم في ظل فتن كقطع الليل المدلهم ولكن لاحياة لمن تنادي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :"من كتم علما يعلمه جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار". أعاذنا الله وإياكم ورزقنا الإخلاص في العلم والعمل والولاية. ولن نطيل في هذا الجانب فالحديث فيه وحوله ذو شجون ويحتاج أن نفرد له مواضيع مستقلة ليس هنا محل تفصيلها.
أما موضوع المقالة ولبها هو عن أسماء وألقاب أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وهل هناك أجمل وأكمل وأمثل من الحديث عنهم وعن سيرتهم الطيبة النقية الطاهرة لكي تستريح نفوسنا من عناء الدنيا وشقوتها وتستظل بظلالهم القدسية وتستنشق عبق جنتهم الفردوسية والتمتع بالبساتين النورانية فخذ نفسك بعمق أيها المؤمن وهلم بنا نتذاكر معا سيرتهم الندية تكون لقلوبنا وصدورنا شفاء ونورا نستلهم منهم الحكمة والحلم ونستقي العلم ويستقيم اللسان ويشرق الوجدان عليهم أتم الصلوات وأزكى التسليمات.
فقد لاحظت أن كثيرا من المحبين والموالين تنقصهم بعض المعلومات الهامة حول أسماء وألقاب وكنى أهل البيت وآبائهم وأجدادهم عليهم الصلاة والسلام أجمعين، فلا يفرقون بين الاسم والكنية واللقب وهذا مما يجب أن يتعلمه ويعرفه الصغير والكبير، ورغبة مني في إيصال المعلومة بشكل ميسر ومبسط سأوضح الفرق بين الاسم والكنية واللقب دون الدخول في بعض التفاصيل اللغوية وأقوال علماء اللغة حولها ومن يقدم أو يؤخر أو كيف تصبح الكنية واللقب واحدا في بعض الأحيان وغيرها من التفريعات والآراء التي لا يحتاجها القراء بقدر ما يحتاجون معلومة واضحة ومحددة يبنون عليها بنيانهم المعرفي دون تعقيد وتشتت بتدرج وتؤدة.
فكما هو معروف فالاسم هو ما يسمى به المولود عند ولادته ويصبح علما يعرف به.
وخير ما نبدأ به هو اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الإسم : محمد.
الكنية: هي مايأتي مع كلمات مثل أب أو أم أو ابن مثل كنية سيد البشر أبو القاسم.
أما اللقب: فهو مايلقب به الإنسان من ألقاب يراد بها مدحه أو ذمه.وألقاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كثيرة منها المصطفى والصادق الأمين والبشير والسراج المنير وغيرها من الألقاب المباركة الكثيرة.
وكذلك وصيه أمير المؤمنين عليه السلام.
اسمه علي.
كنيته أبو الحسن.
وألقابه كثيرة أولها أمير المؤمنين والمرتضى وغيرها مثل الكرار ويعسوب الدين والنبأ العظيم.
وكذلك سيدتنا المقدسة وبضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلمسيدتنا فاطمة عليها السلام.
اسمها فاطمة.
كنيتها أم الحسنين.
ولقبها الزهراء والبتول وغيرها من الألقاب الطاهرة عليهم صلوات ربي وسلامه.
وبعد أن شرحنا الفرق بين الإسم واللقب والكنية ببركة هذه الأسماء القدسية عليهم صلوات ربي وسلامه.
بقي أن نشير إلى نقطة هامة جدا وهي أن الأغلب الأعم يجهل بعض الألقاب والأسماء لآباء وأجداد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويخلط بينها، وربما يفاجأ مع الوقت أو بعد الإطلاع أن لهم أسماءً وألقاب وكنى تختلف عما كان يعتقده طوال هذه المدة، فيؤدي ذلك إلى اعتقاد خاطئ بأن هناك خطأ ما في الكتاب أو المعلومة الجديدة وتختلط عليه الأمور دون أن يعلم أن لا إشكال إطلاقا في الموضوع وأن كل ما هنالك هو نقص في المعلومة وهذا ما سنوضحه في القادم من المقالة بإذن الله وقبل أن نشرع في شرح وبسط هذه المعلومات حول هذه الأسماء الشريفة.
أرى لزاما علي أن أتشرف بكتابة نسب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى جده عدنان لتعم الفائدة ويعرف المتلقي شيئا عن هذا النسب الشريف الرفيع الطاهر عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
هو سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
وهنا نشير إلى أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال خرجت من كرام الأصلاب إلى مطهرات الأرحام وقال: "ما افترقت فرقتان إلا وكنت من خيرهما ". وآبائه أئمة أطهار عليهم السلام وقد أثبت ذلك بالأدلة والبراهين في المقالة البحثية التي ذكرت سابقاً بأطهر الخلق لمن أراد الاستزادة.
وسنبدأ مع سيدنا عبد مناف عليه السلام. فاسمه الحقيقي هو المغيرة بن قصي وغلب عليه عبد مناف واشتهر به ويقال أن أمه من سمته بذلك، وكان يلقب بالقمر لشدة جماله ويلقب بالسيد لسؤدده وشرفه ورفعته وهذا ليس غريبا على هذه الذرية الطاهرة فهم أهل الجمال والكمال والشرف والسؤدد عليهم صلوات ربي وسلامه وتبريكاته، وكان سيدنا عبد مناف عليه السلام يقول أنا المغيرة بن قصي آمر بتقوى الله والرحم وكانت السقاية والرفادة عنده مع ما يتميز به من شرف وجمال ورفعة ومكارم الأخلاق وسمو النفس ولديه من المناقب ما يخرج عن حد هذه المقالة ولعلنا نوفق في الحديث عنه بتفصيل أكثر في موضع آخر إن شاء الله.
وأما ابنه هاشم عليه السلام فقد غلب عليه لقب هاشم واسمه الحقيقي هو عمرو وكان يقال له عمرو العلي لعلو شأنه وشرفه واكتمال الصفات الشريفة فيه وقد غلب عليه هاشم بسبب كرمه الملائكي ورغبته في إطعام الناس لأنه أول من هشم الخبز وثرده وأطعمه فسمي بهاشم واشتهر به.
أما ابنه سيدنا عبدالمطلب عليه السلام فله قصة جميلة ، فقد تزوج أبوه سيدنا هاشم من أمه سلمى بنت عمر بن زيد من بني النجار من الخزرج أثناء مروره بيثرب وقد اشترط أبوها عليه أن تلد في دار قومها وعندما حملت وأثقلت أتى بها إلى يثرب وذهب للشام وانتقل هناك إلى جوار ربه وولدت سلمى بسيدنا عبدالمطلب وسُمي شيبة لأنه ولد وفي رأسه شيبة وبقي هناك مدة من الزمن حتى أتى رجل من بني الحرث بن عبد مناف ورأى سيدنا شيبة مع صبية يتناضلون فرآه أكثرهم جمالا وأحسنهم إصابة وكان كل ماأصاب قال: أنا ابن هاشم ، أنا ابن سيد البطحاء، فأعجب به الرجل ودنا منه وسأله من أنت يابني؟ فقال : أنا شيبة بن هاشم بن عبدالمطلب، فقال الرجل : بارك الله فيك وكثر فينا مثلك، فقال : فمن أنت ياعم؟ قال : رجل من قومك، فقال : حياك الله ومرحبا، وسأله عن حاله وأعجبه مارآه منه. العجيب أن الرجل ما إن دخل مكة حتى ذهب فورا إلى المطلب بن عبد مناف عم سيدنا عبدالمطلب عليه السلام وأخبره بجمال وذكاء وكمال ابن أخيه فآثر المطلب على نفسه أن لا يقدّم أي شيء آخر على إعادة ابن أخيه . وقال : والله لقد أغفلته وما كنت بالذي أرجع إلى أهلي ولا مالي حتى أنتهي إليه، وقرر الذهاب إلى يثرب وأخذ سيدنا عبدالمطلب وكان اسمه شيبة حتى ذلك الحين، يقول القاضي النعمان رضوان الله عليه: وسار به حتى أتى مكة وهو خلفه فلما رآه الناس قاموا إليه وسلموا عليه وقالوا من أين أقبلت، قال : من يثرب، قالوا : ومن هذا معك قال : عبد ابتعته ، فلما أتى محله اشترى له حلة فألبسه إياها وأتى به مجلس بني عبد مناف فقال، هذا ابن أخيكم هاشم وأخبرهم خبره، فقالوا: هو الذي قلت بالأمس إنه عبدك فغلب عليه عبدالمطلب.
فهذه أيها القارئ الكريم قصة تسميته بعبدالمطلب وهو شيبة الحمد الذي تربي على الشرف والسؤدد والطهر والعلو والشرف المنيع والمجد الباذخ والسمو الملائكي الطاهروهو الذي حفر زمزم بعد أن بقيت مدفونة قرون طويلة واعتنى بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقربه وكان يعرف شرفه ويوصي به وكفله سيدنا أبوطالب عليهم صلوات ربي وسلامه أجمعين.
ما أطهرهم وما أكملهم من ذرية ملائكية قدسية زكية!
وأما سيدنا أبو طالب عليه السلام فاسمه عبد مناف وكنيته أبو طالب وقد غلبت كنيته على اسمه عليه السلام حتى أصبح الكثيرون يعتقدون أن هذا هو اسمهوكذلك يدعى عمران ولكن عمران له دلالات عظيمة وإشارات لطيفة لا يوفق لفهمها إلا ذوو البصائر والنُهى والعلم جعلنا الله وإياكم منهم إن شاء الله.
فنشير لها بالتلميح لا بالتصريح وفي ذلك كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد فهو لقب مشتق من العمران والعِمارة لأنه عليه السلام هو من عمّر الدين وذاد عن حياض الإسلام وكان سدا منيعا أمام المشركين فافهم ترشد وهو القائل:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم :: حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ماعليك غضاضة :: وأبشر بذاك وقر منه عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصحٌ :: ولقد صدقتَ وكنت ثمَّ أمينا
وعرضت دينا قد علمت أنه :: من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذاري سبةً :: لوجدتني سمحا بذاك مبينا
فهل بعد هذا الإيمان إيمان؟
وهل هناك وفاء وشجاعة وشرف وصدق بعد هذا الصدق والمكارم الطالبية الهاشمية؟
فظلمه الأشقياء والظالمون والناكثون والجاحدون من بني أمية والشجرة الملعونة وأتباعهم حقدا وحنقا وحسدا وعدوانا على المصطفى وذريته ووصيه وآبائه، ولم يرعوا لهذا الإمام الطاهر ذمته وحقه وشرفه وإيمانه وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ويجب على كل مسلم ومؤمن حق أن يعتقد الاعتقاد الصحيح ويصحح معتقداته ويتبع الحق ويؤمن بأن آباء وأجداد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أئمة طاهرون وسلسلة طيبة مباركة منذ بدء الخلق إلى يوم الدين، وأدعو كل مسلم أن يتأمل هذه الآية من قوله تعالى: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى". فعليك بمودتهم ومحبتهم وتعظيمهم امتثالا لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وحبا في المصطفى الذي انتشلنا من الظلمات إلى النور وبذل الغالي والنفيس في سبيل نجاة الأمة. فهل يصعب عليك أن تحب وتود وتعظم قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وترمي كل هذا العفن الأموي الذي غسلوا به أدمغة المسلمين حتى أصبح الناس سكارى وما هم بسكارى فأصبح رئيس الكفر والأحزاب وزوجته صاحبة الرايات والطلقاء هم المسلمون في نظرهم، وأضاعوا حق الإمام الطاهر العلم ذو الشرف والأمانة والإيمان والإيثار عليه السلام.
كانت هذه الإطلالة الخاطفة لبيان وتوضيح بعض المفاهيم التي ربما تخفى على كثير من الناس وإلا فإن القلم لا يقوى على الكتابة عن هذه المقامات العالية المقدسة الشريفة المنيفة دفعة واحدة، ولن يأتي بعشر عشير من فضائلهم ومناقبهم وسموهم الرفيع ومقامهم الطاهر. ومن أكون ومن يكون هذا القلم حتى وإن سجرت لنا المحيطات والأنهار والأمطار واستحالت البحار مدادا وسخرت الأكوان حروفا وكلمات فوالله لن نصل لشرف القرب من قدم سيد البشر والأكوان وآله وآبائه بأبي هم وأمي وروحي عليهم صلوات ربي وسلامه.
قال الله في محكم تنزيله:"يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون"، نعم أيها القارئ الكريم، قسما برب السموات والأرض أن نور هذه الذرية المباركة سيظل مشرقا ينير قلوب العارفين الموحدين المؤمنين الموالين لتسمو به أرواحهم في ملكوت الله وفي رحاب الجنات النبوية العلوية الفاطيمة الهاشمية وتشرق بالفيوضات النورانية واللطائف الإلهية السماوية بحب المصطفى وآله وآبائه عليهم صلوات ربي وسلامه وبركاته.
اللهم صلِّ على المصطفى المختار
وعلى وصيه الكرار مبيد الكفار
وعلى الزهراء ذات السر المكين والأنوار
وعلى عمه وأبيه وآبائه الأطهار
وذريته الغر المحجلين الأبرار
وبارك وسلم تسليما كثيرا
واحشرنا في زمرتهم وقنا عذاب النار.
حمدان بن هادي
تعليقات
إرسال تعليق