نظرية الانفجار العظيم (The Big Bang) وعلوم الفاطميين العظيمة

  ماهو أصل الكون وكيفية نشأته

يعتبر هذا السؤال من أكثر الأسئلة التي ظلت تؤرق الفكر البشري منذ أن بدأ الإنسان يتفكر في أصل الأشياء وعلى وجه الخصوص هذا الكون الفسيح الذي نعيش فيه، فكان بداية متفجرة قدحت زناد الفكر عند الفلاسفة والعلماء والمفكرين على امتداد العصور والقرون الطويلة واستمرت لآلاف السنين، وقد ظهرت العديد من النظريات من خلال فلاسفة الإغريق واليونان والفرس والحضارات المتعاقبة في محاولة للإجابة على هذا اللغز الذي ظل حبيس الأدراج الميتافيزيقية حتى أتت النهضة الأوروبية وبدأ الإنسان يخضع الأفكار الدينية والنظريات الفلسفية لسطوة العلم وظهرت المناهج التجريبية والمادية التي كانت بمثابة الثورة العلمية مما أدى إلى فتح آفاق جديدة في الجهد والفكر البشري ، وكانت ثمرة هذا الجهد البشري المتصل لآلاف السنين هو اعتماد أهم النظريات الفلكية والفيزيائية في القرن المنصرم وهي نظرية الإنفجار العظيم (The Big Bang ) التي كانت أحدث وأهم النظريات التفسير نشأة الكون وتشكله. وهذه النظرية تندرج ضمن علم الكوزمولوجي (cosmology) أو علم الكون، وهو علم يدرس كل ما في الكون من مادة وطاقة وتفسير الظواهر الكونية وتفاعلات الطاقة والمادة والإنسان والخروج بنظريات تحليلية تساهم في فهم هذا الكون وتحديد عمر تقريبي له.

والآن سنصحبكم في جولة سريعة وخاطفة للتعرف على نظرية الانفجار العظيم بشكل مبدئي وسنشرحها بشكل مبسط قدر الإمكان حتى تعم الفائدة أكبر شريحة ممكنة من القراء، وبعدها سنوضح ما المقصود بعنوان المقالة وارتباطها بهذه النظرية فاربطوا الأحزمة واستمتعوا بالرحلة

نظرية الإنفجار العظيم) ؛ يقصد بهذه النظرية بشكل مبسط أن الكون كان عبارة نقطة مجهولة متناهية الصغر كرأس الدبوس وجميع الجزيئات الأولية والمواد والجسيمات الذرية كانت مندمجة في مكون غامض وهو هذه النقطة ، ثم حدث بعدها التخليق النووي والإنفجار الكبير من خلال تفاعل الهيدروجين والديوتيريوم والهيليوم من البروتونات والنيوترونات في أول ثلاث دقائق من خلال مكونات المادة الرئيسية(الكواركات والجلونات ثم بدأ الكون بالتمدد عبر العصور والأزمان.

مهلا !! ما رأيكم في شرح أكثر بساطة واختصارا ؟ النظرية تفسر نشأة الكون، أن هذا الكون بما فيه من طاقة ومادة انبثق من نقطة الصفر المجهولة التي كانت في غاية الصغر وكان يتصف في بدايته بحالة بسيطة وبدائية بكمية كبيرة من الحرارة والكثافة الشديدتين وكان شديد الحرارة ويملؤه دخان ساخن جدا ويتكون هذا الدخان من بلازما الهيدروجين ثم بدأ الكون بالتمدد مما تسبب بإنخفاض الحرارة تدريجيا واعتدالها مع الوقت والتمدد ، وحدث الانفجار قبل ۱۳،۸ مليار سنة، وقد كان أول من مهد للنظرية هو ألفريد هيل من خلال ملاحظاته

حيث لاحظ أن المجرات تتباعد من بعضها مع مرور الزمن مما يدلل على تمدد الكون ثم أضاف العديد من العلماء أفكارهم ومساهماتهم وكان أبرزهم هو ادوين هابل وجورج ملتر حتى تبلورت النظرية في شكلها الحالي هذا تعريف مبسط جدا دون الدخول في التفاصيل والأرقام الرياضية والمعادلات الفيزيائية المعقدة حتى يتسنى للجميع أخذ فكرة عامة عن هذه النظرية التي تفسر نشأة الكون.

والآن..

ماهو الرابط بين هذه النظرية والفاطميين والدعوة الإسماعيلية ؟ وقبل أن أوضح الرابط بين النظرية وعلوم الدعوة الإسماعيلية يجب أن نشير إلى نقطة هامة !

وهي خمول حركة التدوين وتوقف عجلة الفكر والتحقيق والنشاط العلمي في هذه الدعوة العظيمة يعود لعدة أسباب سياسية واجتماعية وثقافية ساهمت في بقاء اللآلئ العلمية والدرر الفكرية والجواهر الفاطمية الإسماعيلية طي الكتمان والستر وترزح تحت وطأة الاضطهاد المذهبي والسياسي والاجتماعي حتى بقيت داخل كهف الستر والتكتم الشديد بعد أن ملأت الدولة الفاطمية الدنيا علما ونورا ، ولكن ماذا لو قلت لكم أن الفاطميين وعلماء الدعوة قد تحدثوا عن

نظرية الانفجار العظيم قبل الغرب الحديث بقرون طويلة؛ نعم

أيها القراء الأعزاء

فالنصوص الكثيرة ومؤلفات الأئمة الفاطميين ودعاتهم العظماء تدلل بما لا يدع مجالا للشك أنهم قد سبقوا هيل وميلتر وهابل في الحديث عن نشأة الكون وبشكل تفصيلي مذهل

فماذا قال دعاتنا الأفذاذ رضوان الله عليهم

وهنا سأوجز كثيرا وأختصر بشكل موسع وأورد لكم بعض العبارات التي انتقيتها لكم حيث من المستحيل أن أورد النصوص كاملة في هذه العجالة لأن الشرح الشامل سيحتاج الكثير من المحاضرات والدروس المصورة والحلقات الطويلة ولكن الليلة أردت أن نستأنس بشيء قليل من العلم فها هو الداعي الاسماعيلي العظيم إبراهيم الحامدي يتحدث في أحد مصنفاته الشهيرة عن نشأة الكون في تماه عجيب مع النظرية فيقول مانصه وحدث من أول الحركة في الطول الأول ومنتهاها البرودة". عجيب!

ثم أخذ يتكلم بشكل تفصيلي مذهل عن عمق الجو المنفهق) النص طويل جدا وآثرنا الإختصار) ويقصد هنا بالمنفهق المتمدد، ثم قال ( اجتمعت فيه بالمزاج والممتزج الذي تكون كالسحاب المتراكم في كلام طويل لا يمكن إيراده هنا وإنما أتينا بالشاهد على هذه النظرية المعاصرة

، وقد تكلم عن ذلك سيدنا الداعي العظيم والعلامة التحرير علي بن محمد بن الوليد الأنف القرشي في مصنفاته العجيبة وأسهب وأطنب وأيضا ابنه الداعي الهمام سيدنا الحسين بن علي الأنف في كتبه المعتبرة وغيرهم من علماء الدعوة ودعاتها العظماء عن هذا التمدد ونشأة الكون بشكل مذهل لا يمكن بسطه هنا بكليته وكذلك لصعوبة بعض النظريات التي وضعها فلاسفة الدعوة والعلماء الربانيون

والسؤال الذي يجول في الأذهان هو: كيف علم هؤلاء الدعاة الذين يقطنون بين جبال اليمن وسهولها ووديانها أن الكون بسيط وبدائي في نشأته وأنه كان يتمتع بكثافة وحرارة شديدتين ثم بدأ بالتمدد وانخفضت الحرارة تدريجيا إلى أن اعتدل كما في النظرية تماما !

دون وجود التلسكوبات الحديثة والدقيقة والمعامل المتطورة والمراصد الحديثة الضخمة؟ والإجابة على ذلك سهلة جدا: الجواب ببساطة هو أن كل هذه العلوم الدقيقة المذهلة وغيرها من الكنوز مصدرها العترة النبوية وسيدنا علي عليهم الصلاة والسلام

فهم المعين الذي لا ينضب والنهر القدسي الذي يطهر النفوس والعقول ويسمو بها في عالم القدس النبوي فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو منبع هذا النهر وهو المدينة الفاضلة المقدسة ووصيه الكرار سيدنا علي عليه السلام هو بابها الذي يجب أن ندخل إلى المدينة منه ، قال سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم" : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب . قال تعالى: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ".

بقي أن نشير إلى نقطة أخيرة ومهمة وهي مراحل نشأة الكون في نظرية الانفجار العظيم حيث تقسم النظرية نشأة الكون إلى خمسة مراحل أولها مرحلة التفرد (singularity) وهي ما يهمنا هنا حتى لا يتشعب الحديث وهي تشير إلى المرحلة التي تسبق وهو الجزء الأول من الثانية الأولى التي تكون فيها ، ومرحلة التفرد تعتبر مرحلة غامضة حيث كانت الجزيئات والجسيمات الأولية مندمجة مع بعض في مكون غامض لا يعلم العلماء ماهيته ولا يخضع لأي قانون رياضي أو فيزيائي ولم يستطع العلماء ولا الفيزياء الرياضية معرفة كنه وماهية هذا المكون الغامض الذي كان بقدر رأس الإبرة واعتبر العلماء أن ذلك المخلوق أو هذا الشيء الغامض المندمج داخل هذا المكون خارج حدود القوانين الفيزيائية والرياضية وخارج حدود الإدراك والعقل والإحاطة

فإذا كان أحد مخلوقات الله قد عجز العلماء العباقرة في العصر الحديث عن تفسيره بالأدلة العلمية والرياضية والمادية فما بالك بمكون الأكوان سبحانه ما أعظم تدبيره وتقديره، وهذا بحد ذاته يحطم الطقوس الإلحادية ونظريات الملاحدة الغبية والمضطربة والمتهافتة.

فسبحان من كون الأكوان وتعالى الله عن الصفات والإدراك والإحاطة علوا كبيرا "سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا "

اللهم صلِّ على المصطفى المختار وعلى أهل بيته الطاهرين المطهرين الأبرار على مر العصور والدهور وما تعاقب الليل والنهار وبارك وسلم أبدا سرمدا.


حمدان بن هادي آل مخلص

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العباقرة وعظمة العقل

الإمام الوصي بالبرهان الجليّ

أعظم سفير في التاريخ