المرأة بين سندان المنحرفين ومطرقة المتطرفين

 

المرأة بين سندان المنحرفين ومطرقة المتطرفين


منذ بدء الرسالة المحمدية الطاهرة وبداية البعثة النبوية القدسية لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم  والرسول يسعى جاهدا لحفظ حقوق الناس ونشر العدل والتسامح والمحبة والمساواة بين بني البشر ونبذ التعصب والظلم والجهل وانتهاك حقوق المستضعفين كما كان سائداً في عصور الظلام الجاهلية حيث لا حظّ للضعيف والفقير والمسكين في عيش حياةٍ كريمة تضمن له كرامته واستقراره
فكان قدوم رسول صلى الله عليه وآله وسلم إليهم أعظم مما يمكن أن يحلموا به وأكبر من توقعاتهم وأمنياتهم البسيطة في رفع ولو قليل من الظلم.
فأتاهم رسول الله بالعدل الشامل وساوى بين الجميع ولم تأخذه في الله لومة اللائمين ولاتهديد المتجبرين ولاعنت المتعنتين ولا أبهة المتفاخرين المتكبرين !! فصدح بالحق أمام جهابذة قريش ومن حالفهم من بقية الكفار المعاندين ووقف في مواجهتهم لوحده أمام هذا الجمع المتجهم من الكافرين في شجاعةٍ فائقةً أسطورية خلدها التاريخ بأسطرٍ من الأنوار الإلٰهية القدسية التي ارتبطت بنبي الرحمة إلى يوم الدين..

وكانت المفاجأة التي صدمت قريش؛ 

هي اهتمام الرسول والدين الإسلامي بحقوق المرأة بشكل كبير وتشديده على الرفق في معاملتها وسن لها مجموعة من الحقوق التي لم تكن أكثر المتفائلات من النساء تحلم بأقل القليل منهاومن صيانة المرأة واحترام انسانيتها والقضاء على المفاهيم المتخلفة آنذاك التي كانت تعتبرها جسدا جميلاً لايصلح إلا لقضاء الوطر والشهوة ووعاءً لحمل ذرية ذلك الأحمق المتجهم الظالم ووضع المرأة في مكانها الصحيح دون إفراط أو تفريط بما يتناسب مع قدراتها وجبلّتها ومايناسب امكانياتها  ورسم لها دورا أكثر إنصافا وفعاليةً في بناء المجتمعات وأخرجها من ظلمات الجهل إلى أنوار الإسلام ورحابته وعدله.

ولكن الغريب في وقتنا الراهن والمريب الذي ترتاب له العقول وتنفر منه القلوب وتشمئز منه الأنفس، هو الظاهرة التي برزت مؤخراً المتمثلة في الحركات الحقوقية ومايسمى بمؤسسات المجتمع المدني العربية التي جعلت من المرأة شغلها الشاغل وتناست القضايا المصيرية والهامة والملحة كقضايا تطوير التعليم والتنمية والإقتصاد وتطوير المجتمعات من خلال نشر الوعي والمساهمة في نهضة المجتمعات العربية المتخلفة وزرع منظومة فكرية توعية تثقيفية تنهض بهذه المجتمعات..


ولكنها آثرت التركيز على المرأة وبأن الإسلام يضطهدها ولايلبي احتياجاتها وطموحاتها، فتجدهم يولولون على الفضائيات وشبكات التواصل الإجتماعي حتى أصبح اللطم والصياح والعويل على قضية المرأة ظاهرة مزعجة بل إنها تحولت إلى موضة تستهوي حتى الرعاع وسقط المتاع من الجنسين وكل ناعق يبحث عن الشهرة ومآرب أخرى تعلمها المرأة قبل الرجل، فتجدهم ينادون بقضايا تافهة ويشغلون الرأي العام بأمورٍ ليست المرأة بحاجتها بقدر قضايا أخرى أكثر أهمية وإلحاحاً، والعجيب أنك عندما تناقش أحد هؤلاء الحقوقيين أو الحقوقيات الخوقاقيات عن الحقوق التي يطالب بها وماهي؟ وماإذا كان يعرف وضع المرأة في الإسلام وحقوقها الكثيرة، أو حتى كلف نفسه بقراءة أحكام الإسلام ووصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته في المرأة ومكانتها
تجد صدره ضيقا حرجا ويهاجمك فورا حتى لاتكتشف حجم جهله وثقافته الضحلة المضحكة :)


فكل مايشغل باله هو السماح للمرأة بمخالطة الرجال وأن ذلك مسموح به لأنه لايعتبر خلوة بنظره ولاضير في ذلك ولاتنسى أهم قضية عندهم وهي قيادة المرأة للسيارة !! وهي من القضايا التي يعتبرونها أهم قضية في حياة المرأة وإلا فإنها معرضة للهلاك وانقراض جنسها من على وجه الكرة الأرضية.


ولكن، ماذا عن قضايا المرأة المصيرية التي ترزح بها المحاكم وتعاني فيها المرأة الأمرين والويلات بسبب عدم إلتفات المجتمع لها بسبب انشغاله بهذه الفرقعات الحقوقية والبروباغندا الإعلامية؟ ماذا عن حق المرأة في النفقة والتعليم والطبابة وحقها في المواريث؟بل، حتى الزواج الذي اشترط الإسلام أخذ موافقتها واستئمارها فيه وعدم اكراهها، واإنصافها من تسلط الجهلة واللئام والمطالبة بقانون يحميها من الظلم يستمد من الشريعة السمحاء التي كفلت لها حقوقها وكرامتها، وغيرها الكثير من الحقوق التي كفلها لها الإسلام ويعلمها جيدا الباحثون الشرعيون الذين اشتركوا أيضا في الجريمة بالسكوت وعدم الإفصاح عن حقوقها في الإسلام وتركوا الساحة خالية لهؤلاء الحقوقيين والحقوقيات الجهلة من أصحاب الثقافة الركيكة والعقليات السخيفة، وجل همهم هو تحويل المرأة إلى سلعة جسدية والوصول إلى مبتغاهم لنشر الرذيلة والإنحلال وقدوتهم في ذلك المجتمعات الغربية القذرة المنحطة
تحت مسمى تحرير المرأة من عبودية الرجل!!


والعجب العجاب!! أن أغلب من ينادي بهذه القيم الرديئة المشبوهة لايسمح لأهله حتى بالخروج لحديقة منزله ولايعطيهم حتى أقل حقوقهم التي كفلها الإسلام ، وتجده يبث سمومه في المجتمع عبر كتاباته المشبوهة المشؤومة تحت مسمى التمدن والتحضر وتحرير المرأة المضطهدة المسكينة، التي لن تتحرر وتأخذ حقوقها كاملة حتى تنعتق من سلطة رجال الدين وأحكام الإسلام.


وهذا هو التدليس والظلم والكذب والبهتان العظيم، بأن تقوم بالخلط بين مممارسات رجال الكهنوت الديني وبين رحابة وجمال الإسلام وإنصافه للمرأة ورجال الدين والحركيين بلحاهم إلا من رحم الله لايقلون سوءاً وبئساً عن حال هؤلاء الحقوقيين والحقوقيات
بنظرتهم المتدنية للمرأة واستغلالها بشكل مقزز وسيء للوصول لأهدافهم ومآربهم..


والإسلام كما بينا سابقا، قد كفل كافة الحقوق التي تكفل للمرأة كرامتها وتصونها من التعرض للظلم والإضطهاد، فمثلاً تجد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى أن تنكح المرأة حتى تُستأمر، أي أنه لايجوز إرغامها على الزواج وإجبارها على رجل لاترغب فيه، فإن أقدم أي جاهل على إجبار بنته وترك تعاليم الإسلام وأوامر نبي الرحمة، فما ذنب الإسلام لتحملوه تبعات بعض التصرفات الهوجاء؟!


ولعل قضية الزواج والمهور والظم الذي تقاسيه بعض النساء في مثل تلك القضايا لهو أهم من مسألة المطالبة بمخالطتها للرجال وسخافات الحقوقيين والحقوقيات في هذا الزمن، فكيف يتعامل الإسلام مع من يظلم المرأة حقها في المهر ؟!
قال الله في محكم تنزيله (وآتوا النساء صَدُقاتِهِنَّ نِحلة)، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله غافرُ كل ذنبٍ إلا رجل اغتصب امرأةً مهرها أو أجيرا أجرته أو رجلٌ باع حراً)، انتهى الحديث.


سبحان الله!!


وهل هناك أعظم من هذه الصيانة وتعظيم حق المرأة لدرجة أن من اغتصب مهرها لايغفر ذنبه!! وقد سُئل سيدنا جعفر الصادق عليه السلام عن معنى قوله تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة)، قال : يقول عز وجل : أعطوهن الصداق الذي استحللتم به فروجهن، فمن ظلم المرأة صداقها فقد استباح فرجها زنا!!


عجيب جدا!!


ألهذه الدرجة الإسلام حريص على حق المرأة وصيانتها؟ بل أكثر من ذلك حتى في القضايا الحساسة والدقيقة، حيث قال أحدهم للإمام علي عليه السلام: "ياأمير المؤمنين ! إني تزوجت امرأةً عذراء، فدخلت بها فوجدتها غير عذراء، فقال له : ويحك !!!!
إنَّ العذرة تذهب من الوثبة والقفزة والحيض والوضوء وطول التعنيس".


وهذا يغلق الباب في أوجه المرضى النفسيين الذين لايتورعون عن الكذب والبهتان والقذف، فالكثير من الجهلة والظالمين والفاسقين في زمننا هذا تصل به دناءته وخسته بأن يتهم عروسه بأنها ليست عذراء حتى وإن كانت أشرف منه بمليار سنة ضوئية فيدمر حياتها ويحولها إلى بقايا أنثى تعيش في الجحيم بسبب ظلم المجتمع وتجاهل من يدعي الدفاع عن حقوقها لمثل هذه المظالم والقضايا المصيرية، فهل مثل تلك المسكينة ستهتم لسخافات المطالبين بالقيادة والإختلاط؟ أم أن رد حقوقها وتطبيق شرع الله والسنة المحمدية الطاهرة التي تضمن رد كرامتها وسمعتها هو الأهم والأمثلة على ذلك كثيرة.


وأنا هنا أخاطب كل منصف ومنصفة وكل صاحب عقل، أليست واحة الإسلام ورحابته وسمائه القدسية أجمل وأكمل وأمثل وأعظم من أي قيم غربية صهيونية تهدف إلى هدم المجتمعات ونشر الشذوذ والإنحلال والمذاهب الإلحادية تحت بريق الكلمات الرنانة والشعارات البراقة كتحرير المرأة من نيرالعبودية ونشر ثقافة التمدن والتحضر ؟! لماذا يربطون التحضر والتقدم بالتفسخ الأخلاقي والإنحلال القيمي والمشكلة أنك تجد أن من ينادي بهذه الشعارات يعاني من خلل في المنهجية وضحالة في الفكر وسطحية العقلية وضعف وركاكة محصوله  العلمي والثقافي؟! ( 

تستطيع أن تكون مثقفا ومتطورا ومتمدنا ومتحضرا دون أن تنسلخ من دين الرحمة والوسطية والتسامح والعدل الإلٰهي 

الدين الذي كفل للجميع حقوقهم سواسية ويكفيكم شرفا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدوتكم، قال تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)

اللهم صلِّ على قدوتنا والرحمة المهداة سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وبارك وسلم

خادم العترة الطاهرة
حمدان  بن هادي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العباقرة وعظمة العقل

الإمام الوصي بالبرهان الجليّ

أعظم سفير في التاريخ