أم البنين هي أم المؤمنين
أم البنين هي أم المؤمنين
سيدتي أم البنين؛
صاحبة القدر الرفيع؛
والشرف التليد؛
والتضحيات الأسطورية؛
والإيمان الملائكي؛
عليها سلام الله ورحماته وبركاته وأنواره إلى يوم الدين؛
هي نبراس التضحية والسمو والولاء والإخلاص الذي لايضاهيه في التاريخ مثيل، وسنتكلم في البداية عن الخطبة العظيمة التي آلت إلى الزواج النوراني المبارك والإرتباط المقدس بينها وبين أمير المؤمنين سلام الله عليهموماحدث بعدها من أحداث.
اسمها؛
فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة الكلابية؛
وقدكانت من أشرف وأشجع وأنهد بيوت العرب قاطبةً بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته وسأحاول أن ألخص الكثير من الأحداث
حتى نخرج بالفائدة المرجوة ونستخلص العبر العظيمة
من وراء سيرة هذه المرأة القديسة النورانية ومواقفها العطرة، فبعد انتقال الزهراء عليها السلام بفترةٍ طويلة.
رغب الإمام علي في الزواج من امرأة ذات حسب رفيع ونسب منيع حتى تنجب فارسا يسند ريحانتي الرسول الحسن والحسين عليهما سلام الله، فطلب أمير المؤمنين عليه السلام من أخيه سيدنا عقيل بن أبي طالب عليه السلام أن يختارله امرأةً يتزوجها، لأن عقيلا كان نسابةً عظيما متبحرا بالأنساب فقال له الإمام عليه السلام: "أنظرلي امرأةً قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاما فارساً"، فقال فورا ومن دون تردد: "تزوج فاطمة الكلابية، فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها فتزوجها".
عجب عجاب !!
كيف رد مباشرة ولم يتردد أوقال: دعني أبحث أو أسأل.وإنما جاوب فوراً. وهذا دليل على شهرتها وسمو نسبها وبيتها الرفيع الباذخ في الشرف
فذهب عقيل رضوان الله عليه إلى بيت أبيها العظيم، وأقام عنده ثلاثة أيام ولم يسأل أبوها عقيلا عن شيء وذلك من كرم الضيافة وشيم العرب الرفيعة
وفي اليوم الرابع، سأله حزام بكل أدب وإجلال وتعظيم : "هل لك من حاجة فتقضى أو ملمة فتمضى من مال أو رجال فنحن رهن إشارتكم"، فقال عقيل : "جئتك بالشرف الشامخ والمجد الباذخ"، فقال حزام : "وماهو يابن عم رسول الله"، فرد عقيل: "جئتك خاطباً"، فقال حزام: "من لمن؟"، قال عقيل: "أخطب ابنتك فاطمة إلى يعسوب الدين والحق واليقين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب".
الله أكبر تخيلوا أيها الأعزاء؛
أمير المؤمنين بجلال قدره وعظمته يجيء خاطبا؛
يالله!!
شيء عظيم وأسطوري وخرااااافي !
طبعاحزام بن خالد لم يصدق !
على الرغم من إنه من أشرف بيوت العرب وأشجعها ولكن هذاالإمام الكرار عليه السلام كان من أعظم الآيات البينات والمعجزات المبهرات
تقول الرواية
فلما سمع حزام الكلام هش وبش (فرح فرحا عظيما واستبشر) وقال: "بخٍ بخٍ، بهذاالنسب الشريف والحسب المنيف والمجد المنيع بمصاهرة ابن عم رسول الله بطل الإسلام وقاسم الجنة والنار"، فقال حزام: "ولكن بيت أمير المؤمنين هو مهبط الوحي ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومقامه رفيع
وابنتي قد تربت في البادية وأخاف ألا ترقى إلى مقام أمير المؤمنين عليه السلام فهي له خادمة"
(تمعنوا في هذا التعظيم والإجلال والولاية الخالصة )
فقال عقيل: بل زوجه، فاقترح حزام أن يكلمها ليختبرها وهل تصلح لمقام أمير المؤمنين عليه السلام (هذا والله المؤمن فعلاً) الذي حاز شرف النسب وشرف الولاية وليس الطلقاء واللقطاء من بني أمية الأنجاس، وأتباعهم في هذا الزمان وفي كل زمان
المهم؛
ذهب إلى ابنته الطاهرة ليختبرها فوجد أمها تمشط شعرها وكانت تحكي لأمها عن رؤيا عظيمة رأتها وقد أخذ أبوها يستمع لحديثهما !
ومختصر الرؤيا؛
أنها حكت لأمها أنها كانت تتأمل في السماء، وقالت: "كنت أتأمل في ملكوت الله وكيف رفع السماء بلا عمد وأنار الكواكب والنجوم فسقط في حجري قمرٌ يتلألأ نوراً يغشى الأبصار ثم تلاه ثلاثة نجوم زواهر"
(هذا معنى الرؤيا بتصرف)
طبعا؛
القمر هو سيدنا العباس عليه السلام والنجوم الزواهر هم سيدنا عبدالله وجعفر وعثمان أبنائها من الإمام عليهم سلام الله ورحمته وبركاته.
نكمل الرؤيا العظيمة فقالت: "فإذا بهاتف قد هتف بي وأسمع صوته ولاأراه"،
فهتف يقول:
"بشراك فاطمة بالسادة الغرر :: ثلاثة أنجم والزاهر القمر
أبوهم سيدٌ في الخلق قاطبة :: بعد الرسول كذا قد جاء في الخبر".
ففرح أبوها فرحا عظيما قال لها: "قد صدقت رؤياك"، وقال لأمها: "جاء عقيل يخطب ابنتك لفلال الكتائب ومظهرالعجائب وسهم الله الصائب وفارس المشارق والمغارب الإمام علي عليه السلام"، فلم تتمالك أمها نفسها من الفرح ! وكان وقع البشارة عليها وعلى وأمها عظيما عظيما عظيما!!
أمير المؤمنين يكون زوجا لها،
يالله؛؛
كم كانت فرحتهم أسطورية !
وعندماسأل حزام زوجته، هل تصلح فاطمة ابنته زوجا لأمير المؤمنين عليه السلام، فأخبرته أنها ربتها أعظم تربية على الخلق الإيماني الرفيع وجميع مكارم الأخلاق.
فعندها سأله عقيل عن المهر،فقال حزام : "هي خادمة لأمير المؤمنين !".( والله ماألومه سعد عينه )
فقال عقيل : "بل زوجة ومهرها على سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم".
فتم هذا الزواج المبارك العظيم والمقدس وأنجبت له أربعة أسود، أعظمهم سيدنا العباس عليه السلام قمر بني هاشم وسقاء عطاشى كربلاء.
يالهف نفسي!
وكان الإمام يناديها بإسمها فاطمة فقالت يوما:"لي إليك حاجة"، فقال: "قولي ماعندك؟"
تأملوا الموقف الإنساني والإيماني العظيم
عليها سلام الله؛
ملاك ... ملااااااااااك؛
فقالت: "عندما تناديني بإسمي فإني أرى الإنكسار باديا على وجوه الحسن والحسين وزينب ويذكرون أمهم الزهراء عليها السلام
فأريدك أن تغير اسمي"
يالله!!
يامولاتي عليكِ سلام الله
سبحان من وضع فيكِ هذا الكم العظيم من الإيمان والإنسانية والرحمة تجاه أبناء الزهراء سبحان من خلقك سبحان الذي كونك وأودع فيكِ هذا السمو الملائكي
سبحانه !
فكان الإمام يدعوها أم البنين، وكانت تقدم أبناء الزهراء عليها السلام على أبنائها وتداريهم أكثر من عيالها لدرجة أنها تقدمهم في كل شيء لم يسجل التاريخ امرأةً بعظمة أم البنين، وزوجةً مؤمنةً صابرة عظيمة محتسبةً كهذه الشامخة الباذخة في السمو والإيمان بعد أهل بيت النبي وابنته.
وعندما قرر سيدنا الحسين عليه السلام الذهاب إلى كربلاء قدمت أولادها جميعا تحت أمر أبا عبدالله، ولم تستبقِ أحدا منهم!!!
وكانت توصيهم بالإستشهاد دون أخيهم...
كيف؟
امرأة تدفع بأبنائها جميعا وتوصيهم على الحسين عليه السلام، وتشدد عليهم بأن يحرصوا عليه، وأي أولاد !
كانوا أجمل وأشجع وأوسم وأنهد وأكرم الرجال تدفعهم كلهم حبا في الحسين
شيء لايصدق!!
وعندما حدثت مجزرة كربلاء برز الأسود الأبطال وكانوا كما تنبأ بهم الإمام عليه السلام يردون الكتائب وجيش الكفار عن أخيهم رغم قلتهم وعطشهم فصالوا صولات الأبطال وجالوا في ميدان المعركة يكرون كر الفوارس الأشاوس حتى استشهدوا واحدا تلو الآخر أمام أخيهم الحسين
(يالهف نفسي ليتني معهم أفديهم بروحي)!!
وكان آخرهم العباس عليه السلام الذي هجم على أربعة آلاف من كلاب الكفرة الفجرة وفرقهم من على النهر يامولاي ياأبا الفضل الأسد الهصور والبطل الهمام ! أي رجل أنت فداك نفسي.
وكانت أم المؤمنين تنتظر الأخبار في المدينة صابرةً محتسبةً وكان الحسين عليه السلام يشغلها أكثر من أولادها، سبحان الله!
قلت لكم؛
معجزة ايمانية؛
وعندها قدم الناعي بشر بن حذلم إلى المدينة ينعى شهداء كربلاء فتلقاه الناس وجاءته أم البنين ملهوفة يكاد يتقطع قلبها على الحسين وأولادها، فسألت بشرا: "مافعل ابني الحسين عليه السلام؟"، فتفاجأ كيف تقدمه على أبنائها؟ فأخبرها بإستشهاد ابنها جعفر، فردت: "مافعل ابني الحسين؟"، فلم يصدق!!! وظن أنها تحت وقع الصدمة، فأخبرها بإستشهاد عبدالله !!! فقالت: "مافعل ابني الحسين؟"، فأخبرها بإستشهاد ابنها الثالث عثمان، فسألت عن الحسين عليه السلام مرةً أخرى
يالله يالله!!
فأخبرها باستشهاد ابنها العباس عليه السلام، فاضطربت اضطرابا عظيماً، ولكنها ثبتت، وقالت له: "قطعت نياط قلبي !! ماذا فعل ابني الحسين؟،
أخبرني"، فلماأخبرهابإستشهاد الإمام الحسين عليه السلام.
انهارت تماما، وصرخت صرختها التي خلدها التاريخ
"واحسيناه !
واحبيب قلباه !
يانور عيني ياأباعبدالله"
وضجت المدينة بالبكاء ووالعويل على هذا المصاب الجلل العظيم الذي تتفطر منه السموات والأرض، بكت لبكاء هذه العظيمة الأرض والسماء والناس والمدائن هل تعلمون أنها كانت تتمنى لو عاش الحسين عليه السلام لكي تعتبر ذلك مواساةً لها عن أولادها جميعهم.
(ياجماعة أربعة)
تعرفون وش أربعة أولاد عظماء !!!! وكانت ترثيهم وتبكي الشهداء.
لدرجة أن الكافر الزنديق طريد رسول الله مروان بن الحكم الذي لايعرف الرحمة يبكي لبكاءأم المؤمنين وقد توفيت سنة ٦٤هجرية.
قال بشربن حذلم هذه الأبيات:
ياأهل يثرب لامقام لكم :: قتل الحسين فأدمعي مدرار
الجسم منه بكربلاءمضرج :: والرأس منه على القناة يدار
لعنة الله على بني أمية
مولاتي أم البنين
مهما كتبنا من صفحات
ومهما صببنا من الدموع
ومهماصرخنا بحبك وذكراك
ومهما حاولنا معايشة مصابك الجلل
ومهما اجتهدنا في مواساتك
فلن نوفيك حقك وحق أولادك
والله لن نوفيك
ولا والله لن ينجب التاريخ امرأة سماوية قدسية زكية بمثل طهرك وسموك
فهلا قبلتي بي ياسيدتي إبنا وخادما مطيعا لكِ ولأولادك
خادم العترة الطاهرة
حمدان بن هادي
تعليقات
إرسال تعليق